Sunday, 6 November 2011

للحريه طعم أخر ..... و وقت أخر

للحريه طعم أخر ..... و وقت أخر ...

أعشق نسائم الصباح .. حين يتسلل هذا الهواء البارد محملا بعطور الزهور و تغريد العصافير ... استيقظت فى صباح ذلك اليوم و كان لا يزال النوم يداعب جفونى ... و يأبى الا ان يتسلل النور رويدا رويدا على استحياء الى مقلتى ....

نفضت النوم عن فراشى ببطء ... خطوت بعض الخطوات حتى نافذتى .. و نظرت منها على حديقتى الواسعه امامى و على ذلك الينبوع الصغير الذى يمتد أمامها .. ثم ما لبست أن استلقيت على مقعدى مستندا بظهرى الى الوراء لأحظى ببعض اللحظات من الراحه .. أو الاستمتاع بكسل الصباح أن صح القول


القيت ببصرى على جانب السرير ...لأجد تلك السمكه تسبح فى عالمها الخاص الذى جهز خصيصا ليحتضنها .... فى حوض السمك ... سجنها الأبدى .. هكذا رأيته هذه المره .. أقتربت منها أكثر لكى أراها كيف تستقبل الصباح و القيت لها ببعض فتات الطعام .. فسبحت لتلتقمه .. ابتسمت لمرأى هذا .. و لكنى لا أدرى ان كان داخل هذه السمكه يبتسم أم لا .. أعلم حين يصيبنا الجوع ثم نأكل نشعر بنوع من السعاده و الأمتلاء ... هل يصيبك هذا الأحساس أيتها السمكه ... هل كل مشاكلك هى الجوع كل صباح أم لديك من الألام مالا يمكن أن يفصح به داخلك ؟

أنشغلت بسمكتى العزيزه فى محبسها القصرى ... و للمره الأولى أحس بنوع من السخط على نفسى لأنى أرتضيت لها هذا النوع من الأسر طيله عمرها بعيدا عن مملكتها الطبيعيه فى ينابيع المياه ....



كم ستكونين سعيده أيها السمكه حينما يتجاوز مجالك الملاحى هذه السنتيمترات القليله التى تسبحين بها ... كم ستشعر خياشيمك بالنشوه عند استنشاق الهواء الطبيعى بدلا من فقاقيع الهواء الاصطناعيه تلك التى تنفجر جوارك مفجره بداخلك كل مناحى اليأس ... كم ستتذوقين طعم الحريه الرائع فى فمك و انت تسبحين هنا و هناك مع رفيقاتك بعد طول عمر من الأسر



راودتنى كل هذه الافكار و أنا أنظر اليها و نتبادل النظرات و هى تلتقم وجبتها الصباحيه ... حزنت كثيرا بداخلى ... و قررت أن أطلقها لأحررها من كل هذا الهوان ... أمسكت بحوض السمك و أتخذت حينئذ ذلك القرار .. يجب أن تتحررين الى عالمك الحقيقى ... تبادلت معها نظراتنا الاخيره قبل ان اهرع الى حديقتى ... اشق خطواتى خلالها .. ثم استلقيت بجانب هذا الينبوع الصغير ... و القيت بسمكتى العزيزه داخله ... هيا ... انطلقى


لا أعلم أن كانت سبحت فى الهواء أم طارت ... و لكنه كان يبدو أنه أشبه بالمفاجأه بالنسبه لها .. قبل أن تستقر هناك فى ينبوع الماء ... لكنى لم أراها تسبح داخله ... بل تغطس !! تغوص لأسفل ....

ماذا بك ؟؟ّ!  لماذا لا أراكى مبتهجه تسبحين !
تملكنى الفضول لأتابعها بنظرى .. لكنى لم أتمكن من ملاحقتها حين غطست بعيدا .. فخلعت عنى ملابسى .. , و نزلت وراءها فى ينبوع المياه .. لأجدها تغوص لأسفل و أسفل ... بدون أى اراده فى السباحه أو النجاه ... قبل أن تستقر فى قاع الينبوع  .. بلا حراك ..


لحقتها ..اخذت احركها يمنة و يسارا .. و اقذف بها فى المياه لأستثير غريزه السباحه و البقاء فيها ... و لكنها كانت قد فقدت أى دافع للبقاء حتى ... كانت بلا حراك تماما .. الا من بعض الحركات فى خيشومها تلفظ بها أخر أنفاسها ... هالنى ما رأيت .... أنها تموت .... لماذا  ؟؟ !!!!

أخذتها بكل سرعه و صعدت بها الى سطح المياه .. احضرت حوض السمك فى عجالة و القيتها فيه .. هيا يا صغيرتى اسبحى .. بالله عليك افعليها !!! ... و لكنها أبت ان تسبح مره اخرى .... و استسلمت لترقد بجانب تلك الفقاقيع الاصطناعيه التى تنفجر بجانبها ... و بعض الأصداف ... و بقايا فتات الطعام ....

سمكتى العزيزه ... لقد قتلتك صدمه الحريه ...لم تستوعبى فكره أنك قضيت عمرك كله حبيسه تلك الجدران الزجاجيه .... لم تستوعبى ما فقدتيه من عمرك بعيدا عن حريه حياتك التى منحك الله اياها ... فقدتى أى معنى للحياه ..و للحريه ... حينما منحت لك فى التوقيت الخاطىء ... ...

سامحينى ... سامحى عقلى البشرى المحدود ..

سمكتى العزيزه

كم تمنيت لو كنت أطلقتك مبكرا قبل أن يهدم العمر أمانيك ... أو كنت تركتك تستمتعين بعالمك الزجاجى حتى نهايه عمرك ...
سمكتى العزيزه .. لقد علمتينى .. أن
للحريه طعم أخر ... و وقت أخر ....

No comments:

Post a Comment