.
و الأن .. و قد قتلت امبراطورنا الحبيب... فأنا قد اتفهم هذا على أنه كان رد فعل تلقائى منك على حاله الفزع التى كنت فيها ... بحكم حماستك بعد صراعك مع الأسد .. اتفهم ذلك ... و عقوبتك بعد قتل امبراطورنا العزيز عى الاعدام المستحق .. و لكنى لن أفعل ذلك .. لن أقتلك .. سوف تجعلك تجنى بنفسك حصيله اختياراتك .. انت أردت المصارعه و الحريه .. لك ما أردت .. أنت من ستحدد مصيرك بنفسك ... ليس مصيرك وحدك .. بل كل قومك سيتبعوك '' كان هذا ماقاله الأمبراطور الابن أمامى ... ثم أردف قائلا : أنظر هناك فى نهايه الحلبة .. أمامك طريقين تراهما أمامك .. عليك ان تسلك احدهما و سيتبعك قومك فيه .. فى أحد الطريقين هلاككم .. و فى الأخر النجاة.. لك مطلق الحريه فى اختيار أى طريق تسلك .. و لن أتعرض لك أو لأى من قومك ... قالها .. ثم ران صمت رهيب على المكان ..
أنه الأن يخيرنى بين أحد طريقين اسير فيه .. ليس وحدى فقط بل سيتبعنى قومى .. قد ننجو .. و قد نهلك جميعا ! قلت هذا فى نفسى و انا أستمع الى همهمات حاله الجدل التى خلقها الامبراطور تأتى من خلفى .. أنهم قومى يتشاورون فيما بينهم .. رجعت اليهم لأسمع ماذا يقولون .. فوجدتهم قد انقسموا الى اراء عدة .. بعضهم بدا فى السخط على تهورى و الموقف الذى وضعتهم فيه .. بعد ان كانوا ينعموا بحياتهم امنين و الان يحدق بهم خطر الموت ...وجدت البعض منهم يدفعنى الى أن أسلك احد الطريقين و الاخر يدفعنى ألى الطريق الأخر.... فوقفت بينهم و قلت لهم أنتم أردتم الحريه و لولا هذا ما كنتم فى هذه الحلبه الان .. الحريه .. انسيتم هدفكم الاسمى ! فلنسلك اى من الطريقين بأختيارنا و نتمتع بحريتنا .. ثم نحدد اختياراتنا فيما بعد .. نتخلص من ذل العبوديه اولا ... أنتم أخترتم الحريه و ستفعلون اى شىء لبلوغها .. هل انا محق ؟
يبدوا ان كلامى قد اعاد الكثير منهم الى رشدهم فها انا ألمح الاصرار فى أعينهم من جديد ... ..
نظرت بطرف عينى الى جموع الحاضرين فى المدرجات ... فوجدت منهم من يهتف بصوت عال : هذه الحرية التى اردتها ..لك ما أردت ..ثم قهقه بصوت أعلى .. و قف أخر و قال : سيدى الامبراطور ..نحن نعرف نك الحكمه و الرحمه بالضعفاء من أبناء شعبك .. فأننى أسألك ان تعفو عنه و عنهم من عذاب هذا الاختيار .. على أن يعيشوا عبيدا طيله حياتهم و لا يفكرون ابدا فى حلبات الصراع .. فوحدك هو القادر على ضمان امنهم و حمايتهم و اختيار الاحسن لهم ليتمتعوا بالامن فى امبراطوريتنا العزيزه
فكر الامبراطور قليلا ..ثم قال .. هم يريدون الحريه ..حريه اختيارهم .. و لهم ما أرادوا .. و لذلك فكل الخيارات متاحة امامهم ...
قالها الامبراطور الابن .. و أنا أنظر فى اعين رفقائى من ابناء قومى لألمح منهم نظره الصمود تلك على مواصله ما بدأناه ...

فاتخذت قرارى على مواصله صراعى من اجل الحريه .. فقد قتلت وحشهم من قبل .. و أمبراطورهم نفسه من بعده .. و لن يعيقنى شىء عن بلوغ هدفى ..
قلت ذلك فى قرارة نفسى .. و لكن كان أسفل قدمى ينتفض من سخونه رمال حلبه الصراع .. و قد انعكست اشعه الشمس الذهبيه عليها لتزيدها سخونه .. و تزيد الموقف التهابا ..
كنت عاريا ... حافى القدمين .. محاطا بالحرس الامبراطورى من الجانبين .. مستمعا الى بعض نداءات قومى من الخلف كل حسب اهواءه يحاول ان يدفعنى الى احد الطريقين .. سمعت تلك الصيحات من حشود الجماهير فى المدرجات .. تحاول ان تثنينى عن عزيمتى لأرجع مره اخرى و أعلن قبولى العيش كعبد ثانيه ... كانوا كلهم من المستفيدين من الامبراطور السابق .. حاشيته و عليه القوم .. فقد كنا نعمل عبيدا و خدما فى بيوتهم و قصورهم .. هم بالتأكيد لا يريدون لنا ان نتزوق اى طعم للحريه بعيدا عنهم ..
كان ذلك قبل ان أكسر حاجز الصمت داخلى .. و أجرى مسرعا باتجاه احد الطريقين ... رفعت رجلى المتشققتين الملتهبتين من شده الحراره و ركضت مسرعا ...
و لكن ما هذا !!?!
أنهم جنود الحرس الامبراطورى يثنونى عن مواصله الركض فى اتجاه احد الطريقين و الذى كنت قد اخترت الركض نحوه .. يدفعوننى بعيدا باسنه رماحهم المصوبه نحوى ... تفاديتهم العديد من المرات ثم قررت الركض فى اتجاه الطريق الاخر .. فانا أريد الخروج من الحلبة باى طريقه .. و انا على يقين انى سأتجاوز ما سألاقيه فى اى من الطريقين بحريه ارادتى و تصميمى .. فقط على الخروج من هنا ...
و لكن ...
ها هم مجموعه من الحرس يدفعونى ايضا بعيدا عن هذا الطريق الاخر .. كنت اقفز ركضا فوق حبيبات الرمل الساخنه و انا احاول ان اتفادى اسنه رماحهم بصعوبه .. عللى ابلغ بدايه اى من الطريقين ..
ظللت هكذا ادور فى حلقة مفرغه الى ان انهكنى التعب و سقط أرضا ..
تعالت الضحكات فى المدرجات .. و بدا لى للحظه ان وجه الامبراطور الممدد صريعا امامى يبتسم .. يبدو شامتا .. لم أعر لهذا انتباها .. .. كان الامبراطور الأبن ترتسم على شفتيه أبتسامه الثقه و هو
ينظر ألى مستشاريه كمن يقول لهم ألم اقل لكم ؟
استجمعت قواى و وقفت ثانية .. واجهت الامبراطور الجالس فى منصته .. ثم قلت له : سيدى الأمبراطور .. أى حريه اختيار تلك التى كفلتها لى ؟ نريدها معركة عادلة .. فلتجعله صراعا شريفا بعيدا
عن انهاك قواى فى معركه انت تعرف انها خاسرة قبل ان تبدأ ... أريد بعض الملابس التى تكسى جسدى و اريد نعلا ... كما ينبغى عليك ابعاد جنودك عنى لأنعم بحريه الاختيار و تقرير مصيرى ...
فرد الامبراطور مسرعا و مستعجبا : كيف تريد أن تنعم برغد الحرية قبل ان تنالها ؟ كيف تريد الكساء و النعل و انت لم تقطف ثمار حريتك بعد و لم تتعب من اجلها ؟ كما اننى لا يمكننى ان ابعد الحراس عنك .. وجودهم هنا ليحمى النظام و يمنعوا الفوضى ... لقد قتلت أمبراطورنا العزيز للتو .. لم يتبق لنا ألا هذا الحرس ليحمى امبراطوريتنا .. اتريد ان ابهدهم عنك لتهجموا علينا ايها الغوغاء !
أنت بأفعالك هذه تالبهم علينا !!!!
قالها الامبراطور ... و تعالت صيحات التأييد من الجمهور فى المدرجات .. كل يسبح بحكمته المنشوده .. و يستنكرون ما اقوله .. يقولون اننى اريد ان أحيل أمبراطوريتهم الى جحيم من الفوضى .. هذا ما
جلبه لهم فعلى الاحمق .. هذا ما جلبته لهم حريتى ....
نظرت خلفى لأجد وجوه قومى البائسه المتعطشة للحريه .. هم لم يريدون لى هذا . اعلم يقينا انهم قد هللوا فرحا لمصرع الامبراطور الطاغيه .. و الذى طالما نكل بهم .. باخوانهم و ابائهم .. لكنهم لا
يرون اى نتيجه لهذا الأنتصار .. غير اننى وقفت بهم بين طريقين .. ولا نستطيع حتى ولوج احدهما .. ولا زال الامبراطور الابن يسلط حراسه علينا لينهك قوانا و نستسلم ...
استجمعت الباقى من قواى و اعدت الكرة مرة اخرى ... أركض سريعا و اقفز .. بالكد المس الرمال الملتهبه تحت قدمى المشققتين .... أركض بكل قوه و أحاول مراوغة الحرس من حولى .. و لكن كانت
اسنة رماحهم تسبقنى دائما .. لتحيدنى عن طريقى .. و تدفعنى فى اتجاه اخر متفاديا حرابهم المشهرة فى صدرى العارى .. و هكذا دواليك ..
كان الامبراطور الابن منتشيا فى مجلسه و هو يلمح ذلك الصراع عديم الجدوى .. كان يعلم فى قرارة نفسه اننى سوف تخور قواى مع الوقت فى حلقة الصراع الغير منتهية تلك .. سوف أسقط و اتضرع
اليه أن أعيش عبد عنده مرة أخرى لأحظى ببعض الامان و الراحة من هول هذه المجازفة ..
ابتسامه الواثق تعلو وجهه و انا اسقط ارضا للمرة الثانية .. أبتسامه الشماته أراها على وجه ابيه قبل أن يتجاور وجهانا و انا اسقط أرضا .. و نظرات من الاسى و الحسرة فى أعين رفاقى من
مصيرى المحتوم و فرحتهم التى لم تكتمل
...
كنت ألهث بشده و منهك القوى تماما .. لكننى تمكنت من الوقوف ثانية ... فى هذه المره لم أواجه الحلبه فى أتجاه الطريقين .. بل وقفت مواجها الامبراطور تماما .. لم أقف لأطلب منه بعض مبادىء
الصراع العادل .. ولا أستجديه للعودة كعبد للأحتماء برغد الحياة الأمنه ...
فى هذه المرة .. وقفت منتصبا و فى عينى كل التحدى .. لم تكن فى عينى وحدى .. بل تبدلت تلك النظرة البائسه فى أعين قومى أيضا و حلت بدلا منها نظرة يملؤها التحدى و الصمود .. ..
... بتادلنا مع بعضنا بعض النظرات القصيرة ... قبل ان ننطلق جميعا نركض فى نفس الاتجاه .. اتجاه المنصه و المدرجات .. و تعالت صيحاتنا و بدا الامر على أنه صراع ضروس بين طرفين
صدور عارية متعطشه للحريه ... و سهام انطلقت فى السماء .. لا اعلم فى صدور من سوف تستقر
...
و لكن
.. خلف كل تلك السهام المنطلقة ..
كنت أرى الشمس
...
. ....
.